Friday, October 12, 2007

الغرفة رقم 23


كما هي الحقائق دائما وأبدا ، ثقيلة على المسامع .. قد يحتملها القلب وقد يتوقف للأبد لتستمر هي

حقيقة هي اليوم ما تقول ؟؟ كيف ومتى ؟؟ ولماذا ؟ لماذا هو دون سائر البشر ؟؟

نطقت بهذه الكلمات متلعثمة مضطربة .. ترتجف اطرافها .. كانت الصاعقة التي بلا مقدماتحملت حقيبتها وخرجت مسرعة


كان الطريق طويلا اطول بكثير من لحظات السعادة التي وهبتها لها الحياة تمشي به الآن ومن حولها صخب الحياة .. وبداخلها صرخات قلب يتمزق ترى على جانبيه ازهارا من ربيع عمرها .. تذبل عند كل خطوة ...تتجه مسرعة إلى تلك الهاوية التي تنتظرها في نهاية ذلك الطريق المظلم الذي سارت به رغم إرادتها ، وماكانت لتختاره دربا لها يوما ما


انتزعتها الدموع من براثن الأفكار ، حينما توقفت بسيارتها أمام ذلك المبنى الضخم ونظرت إلى بوابته الكبيرة ودار حوار يائس بداخلها : أتراني سأخرج بمفردي من هنا أم سيكون الحظ رحيما بي ؟؟؟


حاولت جاهدة ان تتمالك أعصابها في هذه اللحظه الحاسمة ، وان تبقى كما عهدها الجميع قوية شجاعة في احلك الظروف وأشدها قسوة ...سارت في طرقات كثيرة طويلة تمتلأ برائحة الادوية والعقاقير .. الجدران بيضاء ناصعة البياض .. ولكن ...لماذا أراها ملطخة بالدماء .. تلك الستائر من كساها بالسواد ؟؟؟ تحدث نفسها بدون أية إجابات


وصلت أخيرا إلى الغرفة المطلوبة ... بل المشؤومة .. الغرفة رقم 23 نظرت للرقم وظلت عينيها متعلقة به فترة طويلة ... ياللعجب ويالسخرية القدركان عمرها في هذه اللحظه 23 عاما فقد كان اليوم هو يوم ميلادها الثالث والعشرون تمد يدها الآن لتمسك بالمقبض ... يبرق خاتمه في يدها فيهوي قلبها بين ضلوعهاوتتذكر كلماته لها .. فتعاود ضبط نفسها وتفتح الباب برقة ممتزجة بضعف .. لتعاود إغلاقه في هدوء


صمت رهيب ... شئ واحد فقط هو من يتكلم هنا في هذه الغرفة .. أنها دقات قلبها التي أصبحت أشبه بدقات الطبول..ركضت نحو السرير الماثل في أحد اركان الغرفة .. كان يرقد عليه في استسلام وهدوء جسد حبيبها الذي كان يفيض حيوية بالأمس القريب مغمض العينين هو الآن ... ينام في ملائكية الاطفال .. يضع يده اليمنى تلك التي تحمل خاتمها المنقوش عليه اسمها على الناحية اليسرى لصدره وعلى شفتيه ترتسم كلمة واحدة في صمت : أحبك


قرأتها بعينان تفيضان بالدموع .. لمستها بقلب تحطم على اعتاب هذه الغرفة كما يتحطم البلورنظرت إليه بشوق .. وكانها لم تره منذ زمن .. أستيقظ عندما شعر بضغطات يدها الحانية على يديه ومرارة دموعها على شفتيه

...نظر لها بحنان وشوق ولهفة ... وكأنه اللقاء الاخير

.. حسرة ولوعة حاولت مرارا إخفائها ، كلما رأت ذلك البريق يخبو في عينيه ارتمت بين احضانه باكية فلم تعد تحتمل ان تنتظر النهاية ... أن تراه يتلاشى امامها تساءلت بصوت ضعيف تختنق فيه العبارات ... لماذا لم تخبرني بحقيقة مرضك ؟

كيف لك ان تحتمل هذا ... بمفردك ؟ كيف كانت دمائك تنزف لترسم لي طريقا مفروشا بالورود وأنا اخطو عليه لأصل لأحلامي ... أردت لي السعادة الدائمة ... وسلبها القدر في لحظات

عندها ... احتضن وجهها بكفيه وقبل رأسها وطلب منها ألا تبكي فسيبقى دوما ملا كها الحارس وقلبها الذي لن يتوقف .. أعتذر عن رحيله الذي لم يكن أبدا باختياره ... في هذا اليوم ... يوم عيده ويوم ميلادها

تناول زهرة حمراء كانت وسط كم الادوية الهائل بجانبه كانت تشع حيوية ..يانعة متفتحة الاوراق قبلها وأهداها إياها ..

حبيبتي : كوني دائما مثل هذه الزهرة اقتلعت من أرضها ولا زالت يانعة إلى ان وصلت إلى يديك ... حافظي عليها واعتني بها ...وساكون هناك في انتظارك متى يشاء الله ان يكون موعد لقائنا التالي ...هيا يا حبيبتي فلم يعد هناك متسع من الوقت ، هيا لنحتفل سويا بعيد ميلادك

اسند رأسه إلى صدرها وأغمض عينيه في رضا تام .. واخذ يغني لها أغنيتهم المفضلة .. طالبا منها ان تشاركه الغناء ... تغنت بكلماتها بصوت أقرب للإحتضار ... وفجاة لم تعد تسمع سوى صوتها صمت العاشق عن الغناء ...وتوقفت بها الحياة للحظات كانت تمسك يده بإحدى يديها وباليد الأخرى تمسك تلك الزهرة عندما قبلتها ... شعرت بانها على موعد للقاء حبيبها ولا بد ألا تخلف موعده طبعت قبلة طويلة على جبينه ... وخرجت من تلك الغرفة تنظر إلى رقمها الذي لن ينسى أبدا

No comments: